تطفو على السطح قضية جديدة تفضح وجهاً آخر من أوجه الفساد العقاري المستشري في قيادة النخيلة الخزازرة التابعة لإقليم سطات، حيث كشفت وثائق وشهادات محلية عن تورط جهات إدارية في التلاعب بالشهادات الإدارية لتسهيل الاستيلاء على الملك العمومي ومخالفة قوانين التعمير بشكل سافر.

تعود فصول القضية إلى ما قبل سنة 2008، حينما قام المدعو الشرقي لفساحي سنة 2008 بشراء أرض فلاحية وشيد عليها مسكنًا كبيرًا وإسطبلات وسورًا واقيًا، برخصة قانونية. وفي سنة 2022، وبعد توصله إلى اتفاق مع رجل الأعمال المعروف محليًا باسم الشرقي زهار، الملقب بـ”الشرقي الصراف”، حول بيع العقار، حصل على شهادة إدارية من قيادة النخيلة الخزازرة تؤكد أن الأرض لا تندرج ضمن الأملاك الجماعية أو الحبسية أو أملاك الدولة، وتقر بأن مساحتها 10.326 متر مربع، مع فرض احترام ارتفاق طرقي بـ30 مترًا للطريق الوطنية رقم 11 (حاليًا رقم 12) و10 أمتار لمسلك غير مرقم.

لكن المفاجأة كانت حين كشفت القياسات الدقيقة عبر الأقمار الاصطناعية أن المساحة المحاطة بالسور لا تتجاوز 9.744 متر مربع، أي بفارق 582 مترًا مربعًا، مما يشير إلى الاستيلاء على جزء من الارتفاق الطرقي للطريق الوطنية، وهو أمر يجرّمه القانون بشكل واضح، خصوصًا وأن الشهادة نفسها نصّت على ضرورة احترام هذا الارتفاق!
مصادر محلية ترجّح أن “الشرقي الصراف”، وبفضل قوته المالية ونفوذه، اشترط على البائع استخراج شهادة إدارية بمساحة تفوق الهكتار، حتى يتسنى له لاحقًا إنجاز رسم ملكية بمساحة قانونية تسمح بالبناء حسب قانون التعمير، الذي يشترط توفر مساحة دنيا للبناء قرب الطرق الوطنية. وبالفعل، بعد إتمام البيع، بدأ في تشييد مستودعات ضخمة دون احترام أي من قوانين التهيئة أو التعمير.
والأخطر أن الشهادة الإدارية التي سلمت لا تحمل اسم القائد محمد علي قلبيوي، بل فقط توقيعًا مجهول الهوية، ما يثير شكوكًا قوية حول تزوير محتمل أو تواطؤ داخل القيادة، أو حتى ضغوط من جهات نافذة، وهو ما يُفهم كنوع من التهرب من المسؤولية القانونية مستقبلاً.
وفي خضم هذه التجاوزات، تشير مصادر ميدانية إلى أن القائد قلبيوي يبدو خاضعًا لنفوذ أعوان السلطة، وعلى رأسهم دامي عز الدين، الذي يوصف بـ”الحاكم الفعلي” في المنطقة، حيث يجيز البناء لمن يشاء ويمنعه عن من يشاء وفقاً لمعايير مالية ومصلحية، بينما تُحرر محاضر شكلية في حق المواطنين البسطاء فقط لتسجيل “إنجازات” شكلية أمام المسؤولين.

هذه المعطيات الخطيرة تطرح تساؤلات مشروعة بين الساكنة:
هل تحولت الشهادات الإدارية إلى أدوات لتبييض الاعتداء على الأملاك العمومية؟
هل أصبح أعوان السلطة فوق القانون؟
هل المال والنفوذ أقوى من مؤسسات الرقابة؟
وأين هي الجهات المسؤولة أمام هذه التجاوزات الصارخة؟
إن ما يحدث في قيادة النخيلة الخزازرة لم يعد مجرد اختلالات عرضية، بل مؤشرات على منظومة فساد ممنهج تتطلب تدخلاً عاجلاً من الجهات الرقابية والقضائية لوضع حد لهذا العبث بالقانون، وإعادة الثقة للمواطنين في المؤسسات الإدارية.