بعيدا عن أُكذوبة 5 مليارات دولار ميزانية تنظيم المونديال، قالت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش” أن المغرب سيُنجز استثمارات (عمومية وخاصة) بقيمة 100 مليار دولار حتى 2030، أغلبها استعدادا للمونديال. كأس العالم ليس مجرد سائح يهتف في مدرج وينام في فندق. المونديال بالنسبة لدولة كالمغرب مُحرك ومُوجه للاقتصاد على مدار أكثر من 15 عاما : 5 سنوات استعداد، و10 سنوات آداء للكلفة إيجابا أو/ وسلبا.
25 مليار دولار (250 مليار درهم) استثمار في مضاعفة طائرات الخطوط الجوية لـ 50 طائرة، عشرات مليارات الدراهم لتمويل خطوط تي جي في، مئات مليارات الدراهم في نزع ملكية آلاف الهكتارات من الأراضي وبناء وإعادة هيكلة مدن بأكملها، مليارات الدراهم دعم لشركات السياحة، عشرات مليارات الدراهم في قطاعت الطرق، التأمين، المحروقات….بنك التجاري وفا بنك لوحده سيضرب 10 مليارات درهم أرباحا (1000 مليار سنتيم) من تمويل مشاريع عام 2025، وأكديتال تسابق الزمن لللفوز بهبرة الخدمات الطبية خلال المونديال بأسعار ولا في الأحلام!!
هل استثمارات المونديال ذات أولوية (كمًّا، نوعا وتوزيعا) في بلد لا زال ربع سكانه أميون، يحتل الرتبة 120 في التنمية البشرية والـ154 في التعليم؟ هل ستعُم فوائد تلك المشاريع على كامل التراب الوطني (710 ألف كيلو متر مربع) وعلى كامل السكان المحليين وحتى المُغتربين (37 + 5 ملايين)؟ أم أن الفوائد ستتركز كما العادة في جيوب 5% من السكان، وعلى طول محور البيضاء- القنيطرة؟ أسئلة يمكن الجواب عنها في تحليل منفصل، انتظار ما بعد 2030، أو مراجعة قرابة الـ 70 عاما من وعود (الرّخاء)!!
الأرقام الفلكية أعلاه تتصاطح مع واقع معيش يزداد صعوبة أكثر فأكثر بشهادة الجميع: من المؤسسات، للقيادة السياسية وصولا للمواطن البسيط (والمُركب!). فقط الناطق الرسمي باسم أخنوش (مصطفى بايتاس) يعيش في جنة معزولة، حيث كيلو اللحم بـ 70 درهما، وكيلو ماطيشة بدرهمين ونصف!
لحم عجل برازيلي يباع جملة بـ 70 درهما فيصل المستهلك بـ 120 درهم، ومطيشة إلى دارت مزيان (وانخفض ثمنها) تطل على المواطن بـ8 دراهم مع جودة رديئة…أسعار تجعلنا نتذكر بأننا في دولة صرفت 150 مليار درهم بين 2008 و2020 على مخطط أخضر، وستصرف 110 مليارات درهم بين 2020 و2030 على جيل أخضر، والهدف: تحقيق الأمن الغذائي!
معيشة “مقديشو” بأسعار “جنيف” تمتد لباقي المواد الأساسية من دجاج بـ 30 و40 و50 درهم، لبيض بدرهم ونصف في رمضان كما في الفاطر، وصولا لزيت عود مستقر فوق الـ 100 درهم، بينما نفس زيت الزيتون وربما أجود “ما بغاهش ربّاح” في تونس بـ 40 درهما للتر الواح دون مخططات لا خضراء ولا صفراء!
ثنائية (الأسعار/ المعيشة) الصومالو-سويسرية ليست في المواد الأساسية فحسب، بل تشمل حتى الخدمات في أجمل بلدان العالم: ففي الصحة، أو بالأحرى قلة الصحة، تكلفك”تدويزة” لـ 5 دقائق عند اختصاصي 300 درهم، أي 10% من الحد الأدنى (النظري) للأجور.
وفي السكن، قدمت الدولة دعما 10 ملايين سنتيم للمواطنين ليتشجعوا على اقتناء قبـ.ر الحياة، فارتفع سعر (الحُك) من 25 مليون (قبل الدعم) لـ 35 مليون (بعد الدعم)؟ البنوك وحدها ستستفيد من ارتفاع عائد الفوائد المُركبة مع ارتفاع أسعار الشقق!! ناهيك عن 2000 و3000 وحتى 5000 درهم لإيجار شهري لشقة صغيرة أو متوسطة. أما الشقق المفروشة، فمفروشة لدرجة أنها تجاوزت أسعار الكراء اليومي لفيلا فاخرة في اليونان أو إسبانيا.
في الرحلات الجوية، يمكنك السفر من الداخلة في أقصى الجنوب لمدريد الإسبانية بـ 400 و500 درهم، بينما تكلفك رحلة من الرباط لنفس الداخلة 1000 درهم. رحلة من كازا لبرلين عبر شركة أجنبية تقام أرخص من طاكسي يأخدك من مطار كازا لأحد أحياءها!
فوارق (وفوالق) كبيرة ماضية وتتمدد، وشرخ شاسع عصي على الرّتق قسّم البلد شطرين: بين من يتخيلها “غوز” جنة على الأرض، وبين من يراها جحـ.يما هو على استعداد لمغادرته حتى لو كانت الكلفة حياته!
في علم طبقات الأرض (الجيولوجية)، تحدث الزلازل عندما تنكسر الروابط بين الصخور فتركب (تنزلق) طبقة فوق أخرى، ما يُفرز طاقة مُخزنة رهيبة تُحرك أرضا ظلت لمئات وآلاف السنوات تبدو جامدة.
للقصة بقية…
المزيد من الأبحاث والدراسات في عرض القراءة للجميع: (كتاب المملكة المغربية + كتاب المغرب اللّذيذ).
للطلب: وتساب 0657812086
أيوب الرضواني Ayoub Radouani
